السبت، 8 سبتمبر 2012

سنجور الرئيس الشاعـر‏..‏ صانـع نهضة السنغـال


عاش لإثبات قدرة القارة السمراء علي صنع انسان من نوع خاص‏,‏ واتخذ من بشرته السمراء وملامحه الافريقية الخالصة سلاحا في رحلته العظيمة ضد التعصب والتفرقة‏.
إنه ليوبولد سيدار سنجور الشاعر والاديب الذي أصبح أول رئيس للسنغال. وقد ولد في عائلة ارستقراطية عام1906 بمدينة ساحلية صغيرة تبعد مائة كيلومتر عن العاصمة داكار, وبدأ دراسته في إحدي المدارس الداخلية في السنغال وعشق الفرنسية وأجاد اللاتينية واليونانية وظهر تميزه في كتابة الشعر منذ أن كان طالبا.
أكمل سنجور دراسته الجامعية في باريس كما كان يفعل أبناء البرجوازية السنغالية, وكون صداقات عديدة لعل ابرزها مع جورج بومبيدو, الذي أصبح رئيسا لفرنسا لاحقا, والشاعر الكبير إيميه سيزيرالذي كان له الدور الأبرز في تشكيل شخصية سنجور, حيث تعلم علي يده ضرورة التحرر من القهر والعبودية والظلم التاريخي. وأسس معه مجلة ثورية احتجاجية باسم الطالب الأسود. وكان ذلك عام.1934 وعلي صفحات هذه المجلة راح يبلور مع صديقه مصطلح الزنوجة أو الخصوصية السوداء لأول مرة. و من خلال فلسفة الزنوجة, أسهم في تحرير الشخصية الزنجية عن طريق شرح العادات والتقاليد والسمات الافريقية المميزة وتزكيتها وتمجيد الأبطال الإفريقيين. والترويج لحضارتها بالاعتماد علي المخزون الثقافي لشعوبها.
بني سنجور فلسفته الحياتية علي نظريته الفلسفية وايمانه بخصوصية افريقيا و تميزها, وبعد أن عاد الي السنغال حاول أن يجمع بين تعلمه في فرنسا وموروثاته الافريقية الاصيلة واهتم بالتعليم, فكان يري أن الأمل يكمن في تنشئة جيل سنغالي جديد يجمع بين الأصالة والمعاصرة, التراث والتجديد, العقلية الإفريقية والعقلية الأوروبية, واكتسب سنجور شهرته العالمية من كتابته للشعر باللغة الفرنسية, حيث سخر قلمه لفضح كل الممارسات العنصرية. وفي عام1956 أسس سنجور الكتلة الديمقراطية السنغالية وساهم في انشاء الاتحاد التقدمي السنغالي وفي عام1960 انتخب رئيسا لجمهورية السنغال. وخلال فترة حكمه التي دامت20 عاما حققت البلاد نقله نوعية من خلال فكر جديد يجمع بين الحداثة الاوروبية والتراث السنغالي. ولانه الشاعر الرئيس بلغ به الوفاء لسنجور الشاعر أن يتخلي عن السلطة قبل أن تفكر في التخلي عنه فبقي شامخا في الأذهان والوجدان لأنه عرف كيف يخرج بمثل الهيبة التي دخل بها عالم السلطة. وقدم استقالته من رئاسة الجمهورية وسلم المشعل لرئيس وزرائه عبدو ضيوف. أمضي الشاعر الرئيس بقية حياته بصحبة زوجته في فرنسا حتي توفي عام2001 عن عمر يناهز الـ95 عام تاركا بصمة افريقية دافئة داخل قلب اوروربا البارد, وخلف وراءه حب ملايين السنغاليين وإرثا شعريا وتاريخا حافلا بالانجازات ونهضة صنعها من أجل بلاد استنزفها الاستعمار سنين طويلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق