الاثنين، 10 سبتمبر 2012

عثمان محمود مكاوى يكتب: التعلم بالإكراه

فصل دراسى - أرشيفية


جمعتنى المصادفة بالحديث مع طفل فى مرحلة التعليم الابتدائى بأحد المعاهد الإسلامية الخاصة فى أحد أماكن إصلاح أجهزة الكمبيوتر، وأنا من عادتى المناكفة مع الأطفال الصغار، فسألته عن صفه الدراسى، وهل يستخدم المعلمون العصا وسيلة للتعلم؟ فأجابنى نعم، وأضاف "يستخدمون العصا بكل غلظة وقسوة فإذا ما أخطأ أى طالب مهما صغر هذا الخطأ قام المعلم على الفور بمد رجليه وضربه ضربا مبرحا على قدميه!! ثم أكمل حديثه معى قائلا: إن جميع الطلاب فى هذا المعهد يكرهون الذهاب وإكمال دراستهم فيه لكن أولياء أمورهم يجبرونهم على الذهاب هناك، لأنهم يعتقدون أنه معهد يتميز بتقديم خدمة تعليمية ممتازة، كما أخبرنى هذا الطالب أيضا أن معظم أصحابه يحفظون القرآن الكريم داخل المعهد ليس حبا فى تعلم وحفظ وفهم القرآن الكريم الكتاب المحبب لدى المسلمين، ولكنهم يحفظونه خوفا من العقاب البدنى الذى يلاقونه فى حالة عدم الحفظ. ما جعلنى أصدق رواية هذا الطفل أننى بالفعل سمعت عن أنواع العقاب المختلفة فى تلك المعاهد الخاصة وغيرها أيضا من مدارس التعليم الحكومية، يبقى السؤال الذى أود توجيهه لرجال التعليم هنا هل هذا أسلوب يساعد الطالب على الإبداع والابتكار أم أنه يقدم لنا جيلا مصابا بالبلادة والرعب والنفاق والعقد النفسية؟ لا أبالغ إذا زعمت أنه هذا الأسلوب فى التربية والتعليم سيقدم لنا جيلا من المجرمين الذين سيصبون جام غضبهم وعقدهم تجاه المجتمع عنفا وتعذيبا.

للأسف لم أسمع عن مشروع قومى للتعليم فى مصر ما بعد الثورة بل إن كل إشكالاتنا الآن انصبت حول بقاء المادة الثانية فى الدستور أم حذفها، وهل نبقى مبادئ الشريعة مصدرا للتشريع أم نغيرها إلى أحكام الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع؟ وهل مصر دولة مدنية أم دينية؟ نتناقش هذا النقاش العقيم فى وقت هبط العالم المتقدم على سطح القمر والمريخ، بل وهناك الحديث عن ابتكار جهاز ألمانى يستطيع تسجيل الرؤيا التى يراها الإنسان أثناء نومه. ما كتبته هذا لا يخرج عن كونه بلاغا للنخبة التى مازالت تصدعنا على القنوات الفضائية وللجنة التأسيسية للدستور التى لم أسمع فيها عن نقاش مهم حول التعليم وكيفية تطويره ووضعه فى الدستور القادم كما أنه بلاغ أيضا لمن يحكمون الوطن.. أفيقوا يرحمكم الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق