الجمعة، 31 أغسطس 2012

رومنى .. نسخه اخرى من بوش الابن








لم يشهد مؤتمر الحزب الجمهوري شيئا جديدا يجعله مختلفا عما سبقه من المؤتمرات الحزبية إلا في تحديد شخصية مرشحه لقيادة العربة الأمريكية خلال السنوات الأربع المقبلة، وذلك بالطبع في حال قدرته على إزاحة قطار الديمقراطيين عن مساره في الانتخابات الرئاسية القادمة.
ففي الجانب الاقتصادي، اعتمد ميت رومني على أفكار الأصوليين الرأسماليين، المؤمنين بفاعلية السوق الخارقة، وقدرتها على تصحيح أدائها بنفسها دون الحاجة إلى تدخل حكومي. بل إنه ذهب أبعد من ذلك محملا أوباما لا بوش الابن المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية، التي لا تزال ترخي بظلالها على الولايات المتحدة والعالم، متعهدا بإنهاء الركود الاقتصادي من خلال تخفيف الإجراءات الرقابية الحكومية، وخفض الضرائب على الشركات لزيادة قدراتها التنافسية، وحفزها لخلق وظائف جديدة، وتقليص الديون الحكومية والعجز في الميزانية.
من هنا يبرز السؤال: أليست هذه هي نفس السياسات، التي اتبعها بوش الابن من قبل، والتي كانت السبب الرئيس للأزمة الحالية؟ فما الجديد، الذي جاء به رومني لإعادة الاقتصاد الأمريكي إلى مركز الصدارة، الذي فقده؟ وهل زيادة الإنفاق العسكري، التي تعد أحد أهم ركائز برنامجه المتعلق بالسياسات الخارجية والأمنية، تنأى كثيرا عن السياسة، التي اتبعها أوباما وغيره من قبل.
رومني اعتبر أن تراجع مكانة الولايات المتحدة في العالم، والسماح للصين وروسيا بتهديد مصالح بلاده الإستراتيجية، وسحب دفة القيادة للنظام العالمي من يدي واشنطن، وانحسار القيم الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان، كل ذلك سببه فشل سياسة أوباما الخارجية. إضافة إلى أن تساهل أوباما مع إيران أعطاها دفعا إضافيا لتطوير برنامجها النووي، "الأكثر خطورة اليوم على دولة اسرائيل الضعيفة في الشرق الأوسط".
ولعل السيد رومني يريد الهزء بعقول الشعوب من خلال تناسيه أن مصائب العالم أكثرها ناجم عن السياسة الرعناء التي سلكها سلفه بوش الابن من قبل، بدءا من حربه على الإرهاب، وصولا إلى اجتياحه العراق، وانتهاكه سيادة دولة تحتاج إلى عشرات السنين لتتعافى، وانتهاء باستخدام جميع الذرائع لعدم الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، التي تناساها السيد رومني، معتبرا أن أمن إسرائيل سيبقى على رأس أولويات سياسته المستقبلية، وهو الشيء الوحيد الذي لم يختلف عليه عبر التاريخ حكام البيت الأبيض.
غير أن السيد رومني ذهب أبعد من ذلك بتهديده بأنه سيكون أكثر صرامة تجاه روسيا، وأنه سيتخلى عن الليونة في العلاقة مع الكرملين، وانه سيعيد إلى الولايات المتحدة سدة القيادة للعالم من خلال زيادة التمويل الحكومي لرفع القدرات الدفاعية لبلاده، ما يعني البحث عن سبل جديدة لرفع صادرات السلاح لتعويض النفقات الإضافية الملقاة على عاتق الخزينة الأمريكية.
بيد أن الأهم في كل ذلك هو أن السيد رومني يريد تهيئة الرأي العام العالمي لخطر جديد من دولة مارقة جديدة "ستجبر" الإدارة الأمريكية على استخدام كل قدراتها لمواجه هذا الخطر، وستكون "مضطرة" إلى إرسال جيوشها للقتال دفاعا عن الحرية وحقوق الإنسان وإنقاذ البشرية من الخطر المحتوم المصنوع في الأساس من الإيديولوجية الأمريكية، التي لا تختلف بشيء في توجهاتها، سواء كانت ديمقراطية أم جمهورية، وكما يبدو فإن مرشحي الانتخابات الأمريكية الرئاسية القادمة هما وجهان لعملة واحدة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق