الأحد، 23 ديسمبر 2012

أزمة بعد تراجع النائب العام عن استقالته.. القضاة ''يرفضون'' والإخوان ''يؤيدون''

أزمة بعد تراجع النائب العام عن استقالته.. القضاة ''يرفضون'' والإخوان ''يؤيدون''

بين قرار الاستقالة وقرار العدول عنها لم تمر سوي أيام قليلة.. أيام قليلة عاش فيها الوسط القضائي حالة من الارتياح لقرار المستشار طلعت عبد الله الرحيل عن النيابة العامة؛ ولكن هذه الحالة لم تدم كثيراً وسرعان ما تحولت إلي حالة غضب مع قرار النائب العام العدول عن استقالته وهو ما أشعل أزمة جديدة علي الساحة القضائية المصرية.
 
برر النائب العام عدوله عن استقالته بأنه ''جاءت في ظروف غير عادية'' وقال أنه ''لا إكراه للنائب العام علي ترك منصبه ولا أقبل أن يكتب في تاريخ مصر ان مجموعة من أعضاء النيابة العامة نجحوا في إرغامه علي ترك منصبه سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بهذا الأسلوب''.
 
ومن جانبهم، نفي عدد من أعضاء النيابة العامة -في بيان لهم- أن يكون المستشار طلعت عبد الله قد تقدم باستقالته رغماً عنه وأكدوا أنه تقدم بالاستقالة طواعيةً دون أن يمارس بحقه أي ضغط أو إكراه من جانبهم.
 
وعلي الجانب الأخر، فيبدو أن مجلس القضاء الأعلى رفع الحرج عن نفسه وقرر أن يترك القرار النهائي بشأن الاستقالة والعدول عنها إلي وزير العدل المستشار أحمد مكي الذي قال في تصريحات صحفية أنه سيعمل جاهداً علي حل أزمة النائب العام بعيداً عن الإعلام لكي لا يكون الخلاف بين الأسرة القضائية ''فرجة'' للجميع.
 
''مصراوي'' حاول رصد ردود الفعل علي هذا قرار النائب العام وعدوله عن الاستقالة علي النحو التالي..
فوضي غير مبررة
ويري المستشار محمد عيد سالم - أمين عام مجلس القضاء الأعلى السابق - أن موقف النائب العام بالعدول عن استقالته لا يمكن فصله مطلقاً عن ما يحدث في المجتمع وحالة الفوضى الغير المبررة والعناد والارتباك الواضح في الدولة.
 
وأضاف أنه لا يوجد من هم يهتمون بمصلحة البلاد، وإن كانت النوايا طيبة إلا أن التصرف دائماً يكون بشكل خاطئ.
 
وتساءل سالم: ''كيف يعمل أي شخص في أي مكان يعلم أنه غير مرحب به في هذا المكان؟''، مؤكداً أن النائب العام لم يفعل أي شيء لإحتواء غضب أعضاء النيابة العامة ولم يطمئن مخاوفهم تجاهه'' .
الحديث عن التهديد ''عيب''
واعتبر الأمين العام السابق لمجلس القضاء الأعلى أن حديث النائب العام عن أنه تقدم باستقالته تحت التهديد ''عيب'' قائلاً:'' فلا يصح له أن يقول هذا خاصة وأنه لم يذكر أنه تعرض لاي تهديد أو ضغط عندما تقدم باستقالته للمجلس الأعلى للقضاء''.
 
وشدد المستشار محمد عبد سالم علي أن طلب النائب العام العودة لمنصة القضاء والرحيل عن منصب النائب العام يعتبر ساري منذ أن تقدم به ولا يملك وزير العدل التصرف فيها بدون الرجوع للمجلس الأعلى للقضاء.
 
واختتم حديثه لـ''مصراوي'' قائلاً: '' إن الجميع مسئولون عن الفشل في هذا الوطن''.
''خطأ'' النائب العام
وأكد الدكتور محمد الميرغني - أستاذ القانون الدستوري - أن النائب العام المستشار طلعت عبد الله أخطئ حينما عدل عن استقالته بعدما تقدم بها رسمياً للمجلس الأعلى للقضاء.
 
وأوضح الميرغني أن رحيل النائب العام السابق لم يكن قانونياً، ولكن تصرف اعضاء النيابة العامة من النائب العام الجديد بم يكن مقبولاً علي الإطلاق فهو موقف غير مسبوق وكان يتعين عليهم الحفاظ علي هيبة المنصب ووقاره.
 
وتابع قائلاً: ''أما بخصوص المستشار طلعت عبد الله فقد أخطئ بالتراجع عن موقفه، فما كان يتعين عليه العدول عن الاستقالة حفاظاً علي ماء وجهه''.
 
وأضاف أستاذ القانون الدستوري أن تحديد مصير الاستقالة أمر بيد رئيس الجمهورية حيث أن مجلس القضاء الأعلي يرفعها إلي الرئيس بعد قبولها ليصدق عليها، أما وزير العدل فليس له علاقة بالأمر وحين يتدخل وزير العدل في شئون القضاة يكون مجرد ''بسطجي'' بينهم وبين رئاسة الجمهورية.
''جريمة'' أعضاء النيابة العامة
وعلي الجانب الآخر من النهر، يري الدكتور أحمد أبو بركة - المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة - أن النائب العام المستشار طلعت عبد الله لم يتقدم باستقالته ولكنه تعامل مع ظرف معين ''تحت ضغط'' حيث أجبر علي تقديم طلب إلي مجلس القضاء الأعلى ليسجل فيه الموقف كاملاً.
 
وأوضح أن ما فعله بعض أعضاء النيابة العامة وحصارهم لمكتب النائب العام وإجباره علي تقديم استقالته هو ''جريمة'' يعاقب عليها القانون، مضيفاً أن بعض وسائل الإعلام صورت خطاب النائب العام الذي أرسله لمجلس القضاء الأعلي لتسجيل الموقف علي أنه استقالة علي غير الحقيقة وتم استخدامه لأغراض سياسية.
 
وتابع أبو بركة ''أن النائب العام لم يكن معنياً بالرد علي سوء فهم الإعلام لخطابه المرسل للمجلس الأعلى للقضاء''، مؤكداً أنه وفقاً للقانون فإن وزير العدل هو الوحيد المعني بنظر استقالة النائب العام والرد عليها وليس للمجلس الأعلي للقضاء علاقة بالأمر.
رد فعل النيابة لم يتحدد
ومن جانبه، قال المستشار محمد فهمي - وكيل نيابة شمال القاهرة - أن رد فعل النيابة العامة الرسمي علي قرار النائب العام بالعدول عن استقالته سيتحدد غداً بعد اجتماع نادي القضاة.
وأضاف فهمي أنه حتي الآن لم يتخذ أعضاء النيابة العامة أي قرار أو موقف تجاه ما يتردد بشان الدعاوي لمظاهرات غداً أمام مكتب النائب العام ولكن جميع هذه الأمور سيتم مناقشتها في اجتماع نادي القضاة .
عدول النائب العام عن استقالته والتراجع فيها يأتي ضمن سلسلة من القرارات التي عدل عنها مسئولي الدولة مؤخراً، ويبدو أن سمة نظام مع بعد الثورة هو التراجع عن قراراته مهما بلغت التكلفة السياسية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق